السبت، 29 مارس 2014

عهود الرخاء في النصرانية

عهود الرخاء في النصرانية كانت هي الأخرى عهود تحريف وتبديل: ظلت عهود الاضطهاد على النصارى تشتد تارة، وتخف أحياناً ،وبقيت الدعوة إلى النصرانية ضعيفة مستخفية غالباً إلى أن جاء عهد قسطنطين الأول أو الأكبر الذي حكم من سنة 306 إلى سنة 337م .
وقد اعتنق قسطنطين النصرانية في عام 312م فكان أول من تنصر من ملوك الروم. فلما أعلن قسطنطين نصرانيته، ظهرت النصرانية، وبدأت بالانتشار بقوة، فكان له دور هام في تحويلها من فرقة دينية مضطهدة، إلى ديانة مسيطرة ومهيمنة في أوروبا .. فكان من أول أعماله إصدار "مرسوم ميلان" الذي أصبحت النصرانية بموجبه ديناً شرعياً مسموحاً به..

وقد قضى المرسوم أيضاً على إعادة أملاك الكنيسة التي كان قد صادرها الأباطرة أيام اضطهاد النصرانية، كما قرر أن يجعل يوم الأحد يوم عبادة وراحة من الأعمال ؛ وقد كان ذلك معروفاً من قبل في الإمبراطورية الرومانية التي كانت لوثنيتها تقدس الشمس فيما تقدسه وكان يوم الأحد ( Sunday ) يوم الشمس عندهم يوم راحة، فلما تنصر قسطنطين، نقل ذلك معه إلى النصرانية !!وقد تقدم أنهم غيروا قبلتهم أيضاً، بالتوجه إلى المشرق، بعد أن كانوا يتوجهون إلى بيت المقدس في زمن المسيح. وقد رافق مرسوم ميلان اتجاه آخر نحو اضطهاد اليهود، الذي ظل ساري المفعول في أوروبا لعدة قرون تلت ،وقد بالغ اليهود في تضخيم ذلك واستغلاله في زماننا حتى أظهروه وأشهروه وطالبوا بتعويضات طائلة عليه؛ وغطوا به على عهود اضطهادهم للنصارى وغيرهم ،حتى انطلى ذلك على أكثر النصارى فتابعوهم عليه وروّجوا له ؛وطالبوا بتعويض اليهود عنه ونسوا لسفههم ما فعله اليهود بهم وبغيرهم في عهود تسلّطهم وإفسادهم في الأرض.

وقد بُديء في عهد قسطنطين ببناء عدة كنائس شهيرة مثل كنيسة المهد في بيت لحم .. وكنيسة القمامة في القدس والتي يسميها النصارى "القيامة" .

وقد أعاد قسطنطين بناء مدينة بيزنطة، ووسعها وسماها القسطنطينية وجعلها عاصمة له، فأصبحت من أعظم مدن العالم ،وبقيت عاصمة النصف الشرقي للإمبراطورية الرومانية حتى عام 1453م عندما سقطت على أيدي جحافل الفتح الإسلامي في منتصف القرن التاسع من الهجرة ،وذلك ما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من ثمانمائة عام من وقوعه ؛ فوقع كما أخبر به الصادق المصدوق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛أي المدينتين تُفتح أولاً أقسطنطينية أو رومية ؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( مدينة هرقل تفتح أولاً ( يعني قسطنطينية ) رواه الإمام أحمد في مسنده (2/176).

وقد اختار قسطنطين ألا يُعمد إلا وهو على فراش الموت، مع أنه كان قد اعتنق النصرانية قبل ذلك بكثير. وكان يوصف بالقسوة إلى حد كبير.

فقد أعدم ابنه الأكبر، وزوجته في عام 326م. وقد وصفه (هندرليك فان لون) في (قصة الجنس البشري) بقوله: ( لقد كان وغداً غليظ القلب لا يرحم ).

وقال غيره عنه: (لقد فك القيود وساوى بين النصرانية والوثنية).

فالجدير بالذكر أن عهد قسطنطين هذا وما تلاه من عهود الرخاء على النصرانية لم تكن أرأف بالنصرانية في التحريف والتبديل ؛ من عهود الاضطهاد السابقة. فقد ساهم قسطنطين نفسه في تحريف وتبديل وتشويه هذه الديانة.


مجمع نيقية :

ويصف بعض المعاصرين ذلك العهد؛ بالدور الهام الذي لعبه قسطنطين في تاريخ الكنيسة حين أنشأ ( مجمع نيقية ) لمعالجة الانقسام الداخلي!! في الكنيسة، وذلك في عام 325م أي بعد المسيح بثلاثمائة سنة وقبل البعثة المحمدية بمثل ذلك ، وقد عمل هذا المجمع على إنشاء(عقيدة نيقية) التي أصبحت فيما بعد (المذهب الأرثوذكسي) للكنسية..

ففي هذا المجمع اجتمع الأساقطة والبطارقة من شتى الديار ثلاث مرات في زمن قسطنطين، وعدة مرات بعد ذلك، وقرروا ما سموه بالأمانة ، وهي في حقيقتها الخيانة التي صرّحوا فيها بتثليثهم، ولعن كل من يخالفهم، خصوصاً منهم من كانوا يقولون بعقيدة التوحيد؛ ويبرؤون من ألوهية عيسى ويقولون بأنه عبد الله ورسوله. وذلك أن الغالب على النصارى في ذلك الزمان ؛كان نعت عيسى عليه السلام بالألوهية، وهي العقيدة الكفرية التي روّجها بولس وأتباعه.

وكانت طائفة قليلة من النصارى تقول أنه رسول الله فقط وليس بإله ولا ابن إله، بل هو وأمه مخلوقان، والروح القدس مخلوق.


آريوس :

وممن أظهر هذه المقالة وصدع بها بقوة وشجاعة في زمن قسطنطين: ( أريوس بن اصفانوس )، يُلقب برشيد قومه ، وهو أكبر تلامذة ( ماربطرس) بطريك الأسكندرية، وخريج المدرسة اللاهوتية، كان داعية قوياً شجاعاً لا يخاف، وخالف أستاذه كثيراً ؛ فكان يحارب مقالة ألوهية المسيح بكل ما أوتي من قوة ؛ وآرائه هذه هي ما يسميه النصارى بـ(بدعة آريوس) ، فسخطه أستاذه وجرّده من كهنوته.

ولما مات بطرس رجع آريوس عن إظهار المخالفة فأدخله (أشلا) أو (إسكندروس) إلى الكنيسة وصيّره قساً، ولكن مجمع الأساقطة قرر نفيه ؛ فنفاه القيصر وأمر بقتله، ولكنه اختفى وظهر بعد موت القيصر.

قال ابن حزم عن آريوس: (كان قسيساً في الاسكندرية، ومن قوله: التوحيد المجرد وأن عيسى عليه السلام عبد مخلوق، وأنه كلمة الله التي بها خلق السموات والأرض) أهـ فكانت دعوة آريوس هذه سبباً رئيسياً في ظهور المجمع الذي أنشأه قسطنطين.

حيث دعاه بداية إلى مناظرة بطرك الإسكندرية … فاستحسن قسطنطين مقالة البطرك، ودعا إلى تكفير آريوس، ودعوة جميع البطاركة والأساقطة لمجمع عام لتكفيره وتكفير كل من يقول بمقالته، وليشرحوا في هذا المجمع الدين ،ويتفقوا على مقالة واحدة في دينهم ؛يوضحوها ويعلنوها للناس.

فاجتمع لديه (2048) أسقفاً وبطركاً مختلفي الآراء والأهواء في أصول النصرانية ، خصوصاً من ذلك القول في المسيح وأمه؛ فعجب قسطنطين لهم ولاختلافهم ؛ ثم انتصر للرأي القائل بألوهية المسيح وأقرّه .. وهو رأي بولس وكان عدد أتباعه من أولئك الأساقفة (318) أسقفاً..

فهذا الإمبراطور الذي لا يعرف أصول هذه الديانة يتدخل بسلطانه لينصر هذه المقالة الأقرب إلى وثنية قومه الأولى .. ثم يجمع الأساقفة الذين قالوا بهذه المقالة في دار خاصة، ويقول لهم: ( قد سلطتكم اليوم على مملكتي لتصنعوا ما ينبغي لكم أن تصنعوه مما فيه قوام الدين !! وصلاح المؤمنين!) فباركوا له، وقلّدوه سيفه ؛ وقالوا له: (أظهر دين النصرانية وذب عنه).

وعلى أثر ذلك أمر بإحراق كل الكتب التي تخالف رأي المجمع الأخير، واضطهاد المخالفين ممن يقولون بقول آريوس وأمثاله ولعنهم..

قال ابن كثير في البداية والنهاية (2/101) : (ثم بعد المسيح بثلاثمائة سنة حدثت الطامة العظمى والبلية الكبرى، حيث اختلفت البتاركة الأربعة وجميع الأساقفة والقساوسة ، في المسيح على أقوال لا تنحصر ولا تنضبط، واجتمعوا وتحاكموا إلى الملك قسطنطين وهم المجمع الأول، فصار الملك إلى قول أكثر فرقة اتفقت من تلك المقالات فسموا الملائكة([36]) ودحض من عداهم وأبعدهم وتفردت الفرقة المتابعة لعبد الله بن آريوس الذي ثبت على أن عيسى عبد من عباد الله، ورسول من رسله، فسكنوا البراري والبوادي، وبنوا الصوامع والديارات وقنعوا بالعيش الزهيد، ولم يخالطوا أولئك الملل والنحل، وبنوا الكنائس الهائلة وعمدوا إلى ما كان من بناء اليونان فحولوا محاريبها إلى الشرق وقد كانت إلى الشمال إلى الجدي) أهـ.

فتأمل كيف فرض المجمع بقوة قسطنطين تلك العقيدة الكفرية على النصارى، وكفّروا كل من يقول بغيرها، ولعنوه .. فالذين قالوا بهذه العقيدة الكفرية هم (318) أسقفاً، خالفهم نحو (1700) أسقف، وإن لم يكونوا متفقين فيما بينهم على مذهب واحد ؛ ولكن قد قيل أن منهم قرابة (700) أسقف كانوا يرون رأي آريوس أو قريباً منه في رفض ألوهية المسيح، وهو أكبر عدد نالته نحلة من نحل النصرانية آنذاك، ومع هذا فقد نصر قسطنطين ماوافق هواه مما كان قريبا من وثنية أجداده.

وقد تكررت المجامع كثيراً .. حيث كانوا يجتمعون فيها على مقالة من مقالاتهم الكفرية .. وينفضون على لعن من خالفهم..

قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (2/276): (وكل مجامعهم كانت تجتمع على الضلال وتفترق على اللعن، فلا ينفض مجمع إلا وهم ما بين لاعن وملعون)أهـ.

قلت: ولا غرابة في هذا .. فقد حلت عليهم اللعنة واستحقوها ولزمتهم إلى يوم القيامة بلعنهم المسيح حيث زعموا أنه صلب .. وقد تقرر في كتبهم كما تقدم أنه (ملعون من تعلق بالصليب) وقد قال إبليسهم بولس: ( أن المسيح افتدانا من لعنة الشريعة إذ صار لعنة لأجلنا).

وقد صح عندنا نحن المسلمين في الحديث الذي يرويه أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن العبد إذا لعن شيئاً، صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً، فإذا لم تجد مساغاً، رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان أهلاً لذلك، وإلا رجعت إلى قائلها..).

ولا نشك نحن المسلمون طرفة عين، أن الله قد سلم عبده ورسوله المسيح من لعناتهم، وأنه عليه السلام ليس أهلاً لتلك اللعنات ؛ ومن ثم فقد صدق خبر نبينا الصادق المصدوق في هؤلاء .. حيث رجعت لعناتهم عليهم، فهم يجتمعون وينفضون على اللعنة كما رأيت!! ولا تزال لعناتهم تحور وتتردد عليهم وعلى رؤوسهم إلى يوم القيامة ؛ إلا من تاب منهم وآمن وبرئ من شركه وباطله.

وقد اعترف بعض علمائهم بحلول اللعنة عليهم كما في خبر زيد بن عمرو بن نفيل لما خرج إلى الشام يسأل عن الدين .. فلقي عالماً من النصارى، فسأله عن دينهم فقال له: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله: فقال رحمه الله لرجاحة عقله: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله شيئاً أبداً وأنّا أستطيع، فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قوله في إبراهيم عليه السلام خرج؛ فلما برز رفع يديه فقال: اللهم أني أشهدك إني على دين إبراهيم .. وانظر الخبر كاملاً في صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى ؛ بعد أن سرد أخبار مجامع تباركة وأساقفة النصارى على مر العصور، وعدّد عشرة من تلك المجامع التي اختلفوا فيها اختلافا كثيراً، قال: ( فهذه عشرة مجامع من مجامعهم مشهورة اشتملت على أكثر من أربعة عشر ألفاً من البتاركة والأساقفة والرهبان، كلهم ما بين لاعن وملعون. فهذه حال المتقدمين منهم ، مع قرب زمانهم من أيام المسيح، ووجود أخباره فيهم، والدولة دولتهم، والكلمة كلمتهم، وعلماؤهم إذ ذاك أوفر ما كانوا ،واهتمامهم في دينهم كما ترى ؛ وهم حيارى تائهون ضالون مضلون، لا يثبت لهم قدم ولا يستقر لهم قول في إلههم، بل كلٌ منهم قد اتخذ إلهه هواه، وصرّح بالكفر والتبري ممن اتبع سواه، قد تفرّقت بهم في نبيهم وإلههم الأقاويل، وهم كما قال الله تعالى:
" قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ" (77) سورة المائدة.

فلو سألت أهل البيت الواحد عن دينهم ومعتقدهم في ربهم ونبيهم، لأجابك الرجل بجواب، وامرأته بجواب، وابنه بجواب والخادم بجواب، فما ظنك في عصرنا هذا، وهم نخالة الماضين، وزبالة الغابرين، ونفاية المتحيرين ؟ وقد طال عليهم الأمد وبعد عهدهم بالمسيح ودينه ؟ ) أهـ من إغاثة اللهفان (2/281).


لمحة عن أشهر الفرق القديمة في النصرانية

قد أخبر خاتم الأنبياء والمرسلين وهو الصادق المصدوق، أن النصارى افترقت إلى ثنتين وسبعين فرقة ، فهم كذلك، إلا أن أشهرهم ثلاثة فرق هم: الملكانية، والنسطورية، واليعقوبية.

اولا. أما الملكانية :

فقيل سموا كذلك لأنهم أيدوا القرار الذي نصره قسطنطين في المجمع الذي جمعه، وقيل لأنهم أيدوا القرارالذي اتخذه مجمع خلكدونية عام 451م ضد بدعة أوطيخا المونوفيزية، القائلة بطبيعة واحدة للمسيح، فلقبهم مخالفوهم بالملكيين لوقوفهم في صف مرقيانوس الذي كان يعاضد المجمع.

وكلا القولين مؤداه أن هذه الفرقة تابعت القول الذي نصره الملوك فنسبوا إلى ذلك.

قال ابن حزم في الفصل (1/110): (هو مذهب جميع ملوك النصارى حاشا الحبشة والنوية، وقولهم أن الله تعالى عبارة عن ثلاثة أشياء: أب وابن وروح قدس، وأن عيسى إله تام كله وإنسان تام كله ليس أحدهما غير الآخر. وأن الإنسان منه هو الذي صلب وقتل، وأن الإله منه لم ينله شيء من ذلك.

وأن مريم ولدت الإله والإنسان ) أهـ . تعالى الله عن كفرهم علوا كبيرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (والملكانية تزعم أن اللاهوت والناسوت صارا جوهراً واحداً له أقنومان، وقيل أقنوم واحد له جوهران)أهـ .

فقد صرحوا بإثبات التثليث. ولذلك زعم البعض أن قول الله تعالى
" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ" (73) المائدة ؛ إنما هو في الملكانية خاصة.. وكنيستهم تسمى كنيسة الروم وطائفتهم منتشرة في سورية ومصر والأردن وفلسطين ويتكلم معظمهم العربية.

قال ابن تيمية: "هم أهل الشمال من الشام والروم" أهـ.

ومنهم كاثوليك يعترفون برئاسة باب روما، ويسمون الروم الكاثوليك.

ثانيا. النسطورية:

فرقة نشأت في زمن دولة المسلمين في عهد المأمون، وهم قليل وينسبون إلى ( نسطور الحكيم ) الذي كان يقول: إن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة: الوجود والعلم والحياة، وهذه الأقانيم ليست زائدة على الذات ولا هي هو، وأن الكلمة اتحدت بالجسد لا على سبيل الامتزاج كما قالت الملكانية، ولا على طريق الظهور كما قالت اليعقوبية؛ لكن كإشراقة الشمس في كوة على بلورة، وكظهور النقش في الشمع إذا طبع بالخاتم.

وقالوا إن مريم لم تلد الإله، وإنما ولدت الإنسان، وأن الله تعالى لم يلد الإنسان وإنما ولد الإله. وقالوا إن القتل وقع على المسيح عن جهة ناسوته لا من جهة لاهوته لأن الإله لا تحله الآلام .

وهذه الفرقة غالبة على الموصل والعراق وفارس .. ونسطور هو الذي اعترض على تسمية مريم العذراء بوالدة الإله، وقد كان بطريركاً بالقسطنطينية فاجتمع مجمع البطارقة وردوا قوله ولعنوه، وقرروا أن مريم ولدت إلهاً هو يسوع المسيح .

وقال ابن كثير في البداية والنهاية (2/92): (قالت النسطورية ؛ كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه) أهـ ..

ومن أقوالهم : أن اللاهوت والناسوت جوهران أقنومان وإنما اتحدا في المشيئة.


ثالثا. اليعقوبية :

قال ابن تيمية: (هم شر الأصناف الثلاثة) أهـ

ويدور مذهبهم على القول بأن المسيح هو الله، وقالوا بالأقانيم الثلاثة ، إلا أنهم قالوا إن الكلمة انقلبت لحماً ودماً؛ فصار الإله هو المسيح وهو الظاهر بجسده بل هو هو. فهم يقولون باتحاد الله بالإنسان في طبيعة واحدة هي المسيح ؛فالله ـ تعالى عن عظيم كفرهم ـ مات وصلب وقتل، وبقي العالم ثلاثة أيام بلا مدبر، ثم قام ورجع كما كان.

وهكذا جمعوا بين الخالق والمخلوق ؛أو كما قال بعض أهل العلم " جمعوا بين القديم والمحدث، وهو محال كالجمع بين القاعد والقائم أو الحار والبارد". وذكر بعضهم أن القرآن عناهم في قوله:
" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ".

فهم يزعمون أن اللاهوت والناسوت اتحدا وامتزجا كامتزاج الماء والخمر، فهما جوهر واحد وأقنوم واحد وطبيعة واحدة.

قال ابن كثير: (قالت اليعقوبية: كان فينا الله ما شاء ثم صعد إلى السماء) أهـ. عاش اليعاقبة في مصر والسودان والنوبة والحبشة.

وجميع هذه الطوائف الثلاثة قالوا أن الله جوهر واحد وأقانيم ثلاثة، وأحد الأقانيم عندهم الأب والآخر الإبن والآخر روح القدس .. وبعضهم يقول أن الأقانيم خواص .. وبعضهم يقول: صفات ..وبعضهم يقول: أشخاص ..

ومن هذا تعلم أنه ليس بمصيب من زعم بأن مراد الله تعالى في قوله:
" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ" الملكانية خاصة.

وفي قوله:
" وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ" النسطورية خاصة.

وفي قوله
" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" اليعقوبية خاصة.

وقال شيخ الإسلام في التسعينية: "فزعم بعض الناس أن الذين قالوا هو المسيح ابن مريم الذين قالوا اتحدا حتى صارا شيئاً واحداً، والذين قالوا هما جوهر واحد له طبيعتان، فيقولون هو ولده بمنزلة الشعاع المتولد عن الشمس.

والذين قالوا بجوهرين وطبيعتين وأقنومين مع الرب قالوا ثالث ثلاثة.

وهذا الذي قاله هؤلاء ليس بشيء؛ فإن الله أخبر أن النصارى يقولون أنه ثالث ثلاثة وأنهم يقولون إنه ابن الله وقال لهم: لا تقولوا ثلاثة، مع إخباره أن النصارى افترقوا وألقى بينهم العداوة والبغضاء بقوله:
" وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (14) المائدة.

وقال: " وأيضاً فهذه الأقوال لا تنطبق على ما ذكر فإن الذين يقولون أنهما اتحدا وصارا شيئاً واحداً ؛يقولون أيضاً إنما اتحد الكلمة التي هي الابن، والذين يقولون هما جوهر واحد له طبيعتان، يقولون إن المسيح إله وإنه الله، والذين يقولون إنه حل فيه يقولون خلق فيه الكلمة التي هي الابن وهي الله أيضاً بوجه آخر".

وقال: " وعلى هذا فتكون كل آية مما ذكره الله عن الأقوال تعم جميع طوائفهم وتعم أيضاً بتثليث الأقانيم، وبالاتحاد والحلول، فتعم أصنافهم وأصناف كفرهم، ليس يختص كل آية بصنف، كما قال من يزعم ذلك.

ولا تختص آية بتثليث الأقانيم، وآية بالحلول والاتحاد، بل هو سبحانه ذكر في كل آية كفرهم المشترك.

ولكن وصف كفرهم بثلاث صفات وكل صفة تستلزم الأخرى: أنهم يقولون المسيح هو الله، ويقولون هو ابن الله، ويقولون إن الله ثالث ثلاثة، حيث اتخذوا المسيح وأمه إلهين من دون الله، هذا بالاتحاد، وهذا بالحلول ،وتبين بذلك إثبات ثلاث آلهة منفصلة غير الاقانيم، وهذا يتضمن جميع كفر النصارى، وذلك أنهم يقولون: الإله جوهر واحد له ثلاثة اقانيم، وهذه الأقانيم يجعلونها تارة جواهر وأشخاصاً، وتارة صفات وخواصاً". أهـ.

ومن هذا كله يتبين لك أن النصارى على اختلاف مناهجهم يعتقدون أن في اللاهوت ثلاثة يُعبدون، وعباداتهم تفيد أنهم متغايرون، وأن اتحدوا في الجوهر والقدم والصفات.

ولكن كتّابهم يحاولون أن يجعلوهم جميعاً أقانيم لشيء واحد، أي أنهم يحاولون الجمع بين التثليث والوحدانية بصورة بعيدة عن الإفهام والواقع.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (.. ومن هنا قيل: النصارى، غلطوا في أول مسألة من الحساب الذي يعلمه كل أحد!! وهو قولهم الواحد ثلاثة !!)أهـ.

لمحة عن طوائف النصرانية وفرقها الحديثة

أما أهم الفرق والطوائف النصرانية المتبقية اليوم فهي ,,,

* أولاً: الكاثوليك:

وتسمى كنيستهم بالكنيسة الغربية لامتداد نفوذها إلى الغرب اللاتيني الذين يسكنون بلاد إيطاليا وبلجيكيا وفرنسا والبرتغال وإيرلندا ويوجد لهم أتباع في أمريكا الشمالية والجنوبية وأفريقيا وآسيا، ويدعون أن مؤسس فرقتهم (بطرس) كبير الحواريين ،ويدعون أن بابوات روما خلفاؤه، ولذلك يسمون كنيستهم بالبطرسية أو اللاتينية، لأنها تدعى إمام الكنائس ومعلمتها، لأنها وحدها التي تنشر النصرانية في العالم.

وتتبع الكنيسة الكاثوليكية في روما النظام البابوي، وهو مجمع الكنائس. ومن بدع الكاثوليكية ومحدثاتها: أنها أباحت أكل لحم المخنوق، وأباحت للرهبان أكل لحم الخنزير.

وتعتقد المساواة الكاملة بين الإله الأب !! والإله الابن!! وتقول أن المسيح طبيعتين بعد الاتحاد إحداها لاهوتية والأخرى ناسوتية، وهي الكنيسة التي اعتادت إصدار صكوك الغفران، وقد كان أصل هذه البدعة أن يدفع مبلغ من المال للكنيسة للحصول على إعفاء من الاشتراك في الحروب الصليبية؛ ثم أصبحت فيما بعد وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل من قبل القسيسين والرهبان بدعوى غفران الذنوب.

ـ ويتبع للكنيسة الكاثوليكية طوائف أخرى وإن لم تكن كاعتقادها في طبيعة المسيح وهم:

1. النسطورية:
تقدم الكلام عليها وأنها نسبة إلى نسطور، الذي كان بطريركاً للقسطنطينية لمدة أربع سنين قبل خلعه ونفيه إلى مصر، وكان يرى أن مريم أم المسيح لم تلد الإله بل ولدت الإنسان فقط، ثم اتحد الإنسان بعد ولادته بالاقنوم الثاني وهو الابن، وليس ذلك الاتحاد حقيقي بل مجازي لأن الله منحه المحبة، فهو اتحاد في المشيئة عنده.

وكاتبه على أثر ذلك (كيرلس) بطريرك الاسكندرية، ويوحنا بطريرك إنطاكيا ليعدل عن رأيه، لكنه لم يستجب لهم، فانعقد مجمع سنة (431م) وقرر لعنه وطرده وإثبات أن مريم العذراء ولدت الإنسان الإله.

2. المارونية:

مقرها لبنان نسبة إلى القديس مارون الذي أعلن سنة (667م) أن المسيح ذو طبيعتين ولكنه ذو إرادة واحدة أو مشيئة واحدة، ولم يُقبل قوله، فاجتمع المجمع السادس بمدينة القسطنطينية سنة (680م) وقرر رفض نحلة مارون، ولعنه وتكفير كل من يذهب إليها، وقد نزلت بأتباعه المحن والاضطهادات، فلم يجدوا أمامهم إلا الفرار والاعتصام بمدن جبل لبنان ،وقد تحايلت الكنيسة الكاثوليكية وقربتهم إليها، فأعلنوا لها الطاعة والاتحاد معها سنة 1182م على أن يبقوا على رأيهم، ولهم بطريركهم الخاص بهم، وإن كان يقر بالرياسة لبابا روما …

2. السريان:

طوائف من النصارى يقولون أن المسيح ذو طبيعة واحدة، لكنهم يعترفون برئاسة الكنيسة الكاثوليكية عليهم، وأن لهم رأيهم وبطريركهم الخاص لهم.

* ثانياً: الأرثوذكس:

وتسمى كنيستهم بالكنيسة الشرقية أو اليونانية أو كنيسة الروم الشرقيين لأن أتباعها كانوا من شرق أوروبا وروسيا والبلقان واليونان.

مقرها الأصلي كان القسطنطينية، بعد انفصالها عن كنيسة روما سنة 1054م .. وترتيبها يتبع نظام الأكليروس: فيبدأ من البطريرك ويليه في الرتبة المطارنة. ثم الأساقفة، ثم القمامصة، وهم قسس ممتازون، يليهم القسس العاديون.

- لم تقبل كنيستهم أكل لحم المخنوق، ورفضت إباحة أكل لحم الدم للرهبان.

- أصرت على أن روح القدس نشأ عن الإله الأب فقط.

- وقالت بأفضلية الإله الأب عن الإله الابن.

- وترى أن المسيح له طبيعة واحدة ومشيئة واحدة.

ـ وهناك طوائف أخرى تتبع المذهب الأرثوذكسي وإن كانت كنائسها مستقلة :

1. الكنسية المصرية:

رئيس هذه الكنيسة هو بطريرك القبط المقيم بالقاهرة ويدعى حالياً ( باب الإسكندرية) ورئيس الأفريقيين النصارى، ويتبعون في هذه الرياسة سكان الحبشة، فهم خاضعون لبطريرك الكنيسة القبطية وهو يعين لهم أسقفاً يسوسهم.

وتعتقد هذه الكنيسة أن للمسيح طبيعة واحدة([42]) اجتمع فيها اللاهوت بالناسوت، وانعقد لهذه الغاية مجمع أفسس الثاني خلال النصف الأول من القرن الخامس الميلادي، وأعلن هذا الرأي، إلا أن الكنيسة البابوية رفضته ووصفته بأنه مجمع اللصوص.

وانعقد بعد ذلك مجمع خليكدونية سنة 451م وتقرر فيه أن المسيح فيه طبيعتان لا طبيعة واحدة، وأن الألوهية طبيعة وحدها والناسوت طبيعة وحده التقيا في المسيح، وبذلك رفض المجمع الأخير رأي الكنيسة المصرية بل لعن هذا المجمع (ديسقورس) بطريرك الإسكندرية مما جعل الأقباط المصريين لما سمعوا بما نزل برئيس كنيستهم، يجتمعون على عدم الاعتراف بقرارات ذلك المجمع، بل ثاروا ضده ورفضوا تعيين بطريرك على غير مذهبهم وكان قرار مجمع خليكدونية هذا هو سبب انفصال الكنيسة المصرية عن الكنسية الغربية.

وقد ظهر للمذهب القبطي المصري داعية قوي في وسط القرن السادس الميلادي هو (يعقوب البراذعي) الذي جال البلاد الرومانية، داعياً إلى اعتناق المذهب القبطي المصري.

2. الأرمن:

طوائف من النصارى موطنهم الأصلي أرمينيا، وإن كانوا ينتشرون في مصر والأردن وبلاد الشرق الأوسط، ويعتقدون في المسيح اعتقادات الكنيسة القبطية، وهي أن المسيح ذو طبيعة واحدة ومشيئة واحدة، ولكن طقوسهم الدينية وتقاليدهم مختلفة، كما أن لهم بطاركة مستقلين، فهم لا يندمجون مع الكنائس الأخرى.

* ثالثاً: البروتستانت: "وتعني الإصلاح الديني"

ينتشرون في ألمانيا وإنكلترا والدانمرك وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا، وهولندا وسويسرا والنرويج وأمريكا الشمالية، وتسمى كنيستهم "الكنيسة الإنجيلية" بمعنى أن أتباعها يتبعون الإنجيل ويفهمونه بأنفسهم دون الخضوع لأحد من رجال الدين أو طائفة أخرى، وخالفوا بذلك الكنائس الأخرى التي تعتبر فهم الإنجيل وقفاً على رجال الكنيسة.

يقولون باستحالة تحول الخبز والخمر في عيد الفصح إلى جسد المسيح ودمه، ويطالبون بإبطال صكوك الغفران لعدم وجود أصل لذلك في الإنجيل.

زعيمهم الأول مارتن لوثر([43]) (1483-1546م) وكان من أشد الناس إنكاراً على من نظر في فلسفة أرسطو، وكان يلقيه بالخنزير الدنس الكذاب .. وكان مارتن لوثر يرى بأن إرضاء الرب إنما ينال بالإيمان فقط، ولا دخل للطاعات والعبادات في ذلك ؛ وذلك ليزيل كهنوت رجال الكنيسة وهيمنتهم، مكرساً بذلك لإرجاء بولس وتحريفاته. فقد كان لوثر نصيراً متحمساً لبولس..

وكان من أعماله ترجمة (كتابهم المقدس) إلى اللغة الألمانية ليمكن كل أحد من قراءته دون الرجوع إلى رجال الدين.

طلب منه التبري من آرائه علناً فرفض، فأعلن أنه كافر خارج عن القانون في مجمع ورمس 1521م وأن كتبه محرمة. وحكم بأن يحرق لوثر على الخازوق، ولكن آراؤه لقيت تأييداً واسعاً في ألمانيا، خصوصاً من بعض الأمراء الألمان، مما نجاه من تلك العقوبات.

والبروتستانت كالكاثوليك في قولهم أن للمسيح طبيعتين بعد الاتحاد إحداهما لاهوتية والأخرى ناسوتية.

وبالجملة فالبروتستانت لم يبطلوا في إصلاحهم المزعوم أصلاً من أصول النصرانية الشركية، كالقول بألوهية عيسى وأنه ابن الله وأنه صلب من أجل عقيدة الفداء والخلاص، وأن الإيمان بذلك كافٍ دون العمل بأحكام الشريعة .. الخ.

بل إنهم فقط منعوا من الغلو بالرؤساء في سلطتهم، فحركتهم كانت دعوة لإصلاح الكنيسة، لا لإصلاح النصرانية وإرجاعها إلى أصولها الصحيحة كما جاء بها المسيح.

لذلك بقيت موضوعات رئيسية وضخمة لم يتطرق لها إصلاحهم الديني المزعوم، من قريب أو بعيد ؛ أهمها :

- عقيدة التثليث، وما تضمنته قرارات المجامع السابقة في العقيدة، خصوصاً قرارات مجمع نيقية سنة 325م وقرارات مجمع القسطنطينة سنة (381م)، ففي الأول تقررت عقيدة التثليث وألوهية المسيح عندهم، وفي الثاني قرروا ألوهية روح القدس، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.

- عقيدة صلب المسيح، للتكفير عن خطايا البشر (عقيدة الفداء).

- البحث عن إنجيل المسيح نفسه بمعنى الاقتصار على تعاليم المسيح الأصلية، واستبعاد الدخيل على ذلك، خصوصاً ما يتعلق بالعقيدة.

- مراجعة بشارة المسيح بالنبي الأمي صلى الله عليه وسلم ؛ الذي يأتي من بعده خاتماً للرسل، والبحث عن ذلك في تعاليم المسيح الأصلية.

إذ كل من ادعى السعي في اصلاح النصرانية أو كنيستها؛ دون أن يطرق هذه الأصول المهمة في الديانة النصرانية ؛ فهو ضال واهم في إصلاحه ، ودعواه محض زيف وضلال..



الخاتمة :

وعلى كل حال فإن المسيحية لم تعدم في تاريخها من دعاة حاولوا الاعتراض على بعض جوانب العقيدة النصرانية والتعرض إلى بعض تلكم الأصول الخطيرة ، منهم ,,,

- آريوس: تقدم أنه كان قسيساً في الاسكندرية في بداية القرن الرابع الميلادي، وهو الذي أعلن أن الله وحده هو الإله الأوحد، أما المسيح والروح القدس فهما مخلوقان، وقد حكم عليه مجمع نيفيه بالكفر، وقرر قتله ونفيه، ولعن أتباعه..

- مقدونيوس: تأثر بآراء آريوس. رقى كرسي البطريركية بالقسطنطينية بعد بولس فكان أسقفاً للقسطنطينية..

وكان يقول أن عيسى عبد مخلوق وإنسان نبي؛ رسول الله كسائر الأنبياء عليهم السلام، وأن عيسى هو روح القدس([44]) وكلمة الله وأن روح القدس والكلمة مخلوقتان، عقد مجمع القسطنطينية سنة 381م من أجله وقرر حرمانه وطرده وعزله.

- وكان على رأي آريوس بعدم ألوهية المسيح أيضاً كل من:

أسقف مقدونية، واسقف فلسطين، وكنيسة أسيوط.

- أوريجانوس: الذي أعلن أن الله لا يدركه الفهم، وهو أعلى من أن تكون أوصافه شبيهة بالإنسان، وأن الله لا يجزأ ولا يجسد ولا يحصر، فحكم عليه بالحرمان، وحرقت كتبه وطرد هو وأتباعه.

- الفيلسوف النصراني ( ترتليان ): في القرن الثالث الميلادي ، أعلن قوله: ( إنّا بريئون ممن ابتدعوا مسيحية رواقية أو إفلاطونية جدلية؛ بعد المسيح والإنجيل لسنا بحاجة إلى شيء).

- الأسقف نسطور: كان ينكر ألوهية المسيح ويقرر أن المسيح إنسان كسائر الناس مملوء بالبركة.

- سرفيتوس: في إسبانيا جاهر بوحدانية الله، وإنكار الثالوث، فقرروا إحراقه حياً سنة (1553)م.

وغيرهم ..

إلا أن عشاق الشرك والزور والبهتان والتثليث، لاحقوا كل من حاول الاعتراض على شيء من شركهم وكفرهم وبهتانهم.

وكتموا كل نفس حاول الاقتراب من التوحيد والبراءة من الشرك والتنديد. وشهروا بهم في المجتمعات النصرانية على مر التاريخ، وكفروهم ولعنوهم وقتلوهم. حرصاً منهم على طمس معالم التوحيد، وصبغ النصرانية وإبقائها في دياجير الشرك والتثليث والتنديد.

وقد وصف الله تعالى حال هؤلاء ومن تابعهم بقوله سبحانه:
"اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" (31) التوبة.

وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير في تفسير هذه الآية من طرق يقوي بعضها بعض
: أن عدي بن حاتم رضي الله عنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرّ إلى الشام وكان قد تنصّر في الجاهلية فأُسرت أخته وجماعة من قومه ؛ ثم منّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغّبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقدم عدي إلى المدينة وكان رئيساً في قومه طيء ، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة، وهو صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قال عدي: فقلت؛ إنهم لم يعبدوهم . فقال: "بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم؛ وذلك عبادتهم إياهم" ،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عدي ما تقول ؟ أيضرك أن يقال الله أكبر؟ فهل تعلم شيئاً أكبر من الله ؟ ما يضرك ؟ أيضرك أن يقال لا إله إلا الله، فهل تعلم إلهاً غير الله ؟ ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم وشهد شهادة الحق. قال: فلقد رأيت وجهه استبشر ثم قال: "إن اليهود مغضوبٌ عليهم ، والنصارى ضالون".

وهكذا ورد عن حذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وغيرهما في تفسير
"اتخذوا أحبارهم ورهبانهم … الآية" إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا وشرعوا.

وقد رأيت فيما تقدم أمثلة كثيرة مما فعله أحبار النصارى وبطارقتهم ورهبانهم وقساوستهم في هذه الديانة من التعريف والترقيع ، وما أدخلوا فيها من الشرك والتثليث .. وكيف استحقوا بذلك لعنة الله هم ومن تابعهم على افترائهم على الله وعلى عبده ورسوله المسيح ؛ من الشرك الصراح والكفر والبواح.

الخلاص الحقيقي في التوحيد الذي جاء به الإسلام

وأخيراً …

فقد جاء الإسلام البشرية بالخلاص الحقيقي المتمثل بعقيدة التوحيد.

فنزّه الخالق عن الصاحبة والشبيه والند والوالد والولد.

جاءهم بالتوحيد الذي هو دين كافة الأنبياء من لدن آدم ونوح مروراً بهود وصالح وشعيب وموسى وعيسى وغيرهم إلى خاتمهم عليه الصلاة والسلام.

"قُلْ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(84)وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ(85)" (آل عمران).

جاء الإسلام بهذا التوحيد الصافي ؛ في وقت كان النصارى قد مسخوا دينهم وبدلوه وحرموه .. ولم يبق مما جاء به المسيح عليه السلام إلا رسوم وأطلال تلوح مُغبّشة كما تلوح بقايا الوشم في ظاهر اليد، قد سفت عليها سوافي الجهل والتبديل والتحريف والتثليث.

وليس أدل على هذه الحال، مما جاء في خبر قصة إسلام سلمان الفارسي الطويلة والتي رواها الإمام أحمد في مسنده (5/441-444) وفيها حكاية تنقله بين بقايا من رهبان أهل الكتاب في بقاع متفرقة، كل يدله عند موته على واحد، في بقعة بعيدة عنه، يعرفه ولا يعرف غيره ممن يظنهم على دين المسيح في ذلك الزمان؛ وكان عددهم جميعاً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ، حتى قال له بعضهم لما حضرته الوفاة : ( أي بني والله ما أعلم أحداً اليوم على ما كنت عليه ، لقد هلك الناس وبدلوا، وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلاً بالموصل وهو فلان، فهو على ما كنت عليه؛ فالحق به ) إلى أن كان عند آخرهم وحضره الموت فقال له سلمان: ( إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان وأوصى بي فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي ؟ وما تأمرني ؟ فقال له: ( أي بني ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم؛ يخرج بأرض العرب، مهاجراً إلى أرض بين حربتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى؛ يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتبه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل …) إلى آخر قصة سلمان الفارسي .

وقد بشر الله تعالى في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من آمن من النصارى بعقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام ؛وصدق بخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم ؛ أن يؤتى أجره مرتين.

فقال تعالى:
"الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ(52)وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا ءَامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ(53)أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" (القصص).

وفي الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي ….. الحديث ".

وروى الإمام أحمد عن القاسم بن أبي أمامة قال:
إني لتحت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فقال قولاً حسناً جميلاً، وقال فيما قال: "من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين، وله ما لنا وعليه ما علينا …. الحديث".

وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " وزاد في رواية عن جنادة: ( من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء ).

فآمنت طائفة منهم ودخلت الإسلام وتابعت بشارة ووصية نبي الله عيسى عليه السلام، فكان منهم صحابة للنبي صلى الله عليه وسلم أجلاء كسلمان الفارسي، وعدي بن حاتم الطائي والنجاشي وغيرهم .. وكان منهم التابعون والمجاهدون والشهداء.

وكفرت طائفة، وأصرت على البقاء على ما هي عليه من الشرك والتثليث، فمن عاند واستكبر من هؤلاء، وأبى النزول تحت حكم الإسلام أوحارب أهله أو كان عوناً لأهل الكفر عليهم، كانت له جحافل الإسلام بالمرصاد على مر العصور .. فأزالوا حكم الرومان في بلاد الشام، ومضت جحافلهم تفتح البلاد شرقاً وغرباً حتى فتحوا إسبانيا، وارتفعت رايات الخلافة على حصونها ،ونكست رايات الصليب وارتفعت رايات التوحيد على قلاعها وقصورها، حتى وصلت جحافل المسلمين إلى نهر الراين بفرنسا.

ومن قَبِلَ ممن أصر على البقاء على دينه الدخول تحت حكم الإسلام ؛كانت له ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي أوصى في كثير من أحاديثه بأهل الذمة خيراً.

حتى نعم هؤلاء في ظل حكم الإسلام بأمن وأمان لم يحلموا بمثله في ظل أي حكم آخر، ولا عايشوه من قبل، ولا حتى في حكم قسطنطين الذي كان أول من أظهر ديانتهم وجعلها دين الدولة وفرض أناجيلها وعقائدها الشركية بقوة سلطانه ..! إذ قد تقدم أنه كان ينكل ويقتل كل مخالف لما قرره بقوته في مجامعه وإن كان من أكبر قساوستهم .. وهذا ما لم يتعرض لمثله النصارى في ظل حكم الإسلام الذي أقرهم على دينهم بشرط دفعهم الجزية ونزولهم تحت أحكام دولة الإسلام.

يقول فيكتور سحاب في كتابه (من يحمي المسيحيين العرب) ص26 فصاعدا: ( لا شك أن المسيحيين المخضرمين الذي عاصروا الفتح الإسلامي هم أكثر من لمس الأمر بوضوح، إذ انتقلوا فجأة من سلطان دولة كانت تضطهدهم اضطهاداً وصفه بعض المؤرخين العصريين في أوروبا بأنه لا يشبه حتى أعمال البهائم، إلى سلطان دولة حافظت لهم على أديارهم وبيعهم، كما خيرتهم بين اعتناق الإسلام ،والبقاء على دينهم بشرط الدخول في ذمة المسلمين، أي بشرط الإنضمام إلى دولة الإسلام ورفض القتال مع أعدائها، وكان ( ألكيروس الكنيسة المصرية ) متخفياً في الصحاري هربا من المذابح البيزنطية. فلما جاء الفتح الإسلامي عادت الكنيسة المصرية إلى حرّيّتها الكاملة علناً([45])، ولقد كان في الإسلام متسع للنصارى لم يكن متاحاً لهم شيء منه في دولة بيزنطية.

وتمتعت المذاهب المسيحية العربية على اختلافها بعد ظهور الإسلام؛ بالحرية التي كانت تقاتل من أجلها تحت حكم بيزنطة، ووقت كانت جميع الدول لا ترضى بدين آخر داخل تخومها([46]) أهـ.

وعندما جمع هرقل جيشاً ضخماً لمواجهة المسلمين كتب أبو عبيدة إلى عمال المدن المفتوحة في الشام يأمرهم برد ما جبوه من الجزية من أهلها وكتب إلى الناس: "إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه بلغنا ما جمع لنا من الجموع وأنكم اشترطتم أن نمنعكم ونحن لا نقدر على ذلك الآن وقد رددنا ما أخذنا منكم".

إنه ديننا دين عظيم، كفلت شرائعه العدالة لرعايا دولته الخاضعين لأحكامها، ولا تتبدل تلك الشرائع، ولا تتغير عدالتها .. بل هي محفوظة بحفظ الذكر الذي تكفل الله بحفظه إلى أن يرث سبحانه الأرض ومن عليها؛ رغم الأساليب والممارسات المقابلة التي عامل بها النصارى الصليبيون المسلمين ، عندما غزوا بلادنا، أو عندما صارت لهم الدولة والصولة في بعض بلاد المسلمين.

فيوم استولى الصليبيون على بيت المقدس في (15/1/1099م) ذبحو نحو (70) ألف مسلم، ولم يرحموا الشيوخ ولا الأطفال ولا النساء في مذبحة استمرت 3 أيام، ولم تنته إلا بعد أن أعياهم الإجهاد من القتل، حيث حطموا رؤوس الصبيان على الجدران، وألقوا بالأطفال الرضع من أسوار الحصون وشووا الرجال على النار وبقروا بطون الحوامل .. وهذا كله مدوّن في تواريخ النصارى أنفسهم ؛ فضلا عن تواريخ المسلمين .

وأما صلاح الدين فإنه لما استعاد بيت المقدس من أيديهم بعد (90) سنة من هذه المجزرة؛ لم يعاملهم بالمثل، ولما سُلمت له الحامية النصرانية هناك؛ أمّنهم على حياتهم ،وكانوا أكثر من (100) ألف، وأعطاهم مهلة للخروج في سلام ولم يقتل أحدا منهم، ولا فعل مثلما فعل (ريكاردوس) الإنجليزي الذي قتل أمام معسكر المسلمين 3 آلاف سلموا أنفسهم إليه؛ بعد أن قطع على نفسه العهد بحقن دمائهم !!

وهكذا كانت عهودهم دوماً مع المسلمين، ففي الأندلس عقد المسلمون في غرناطة معاهدة التسليم من الملكين (فردينا وإزابيلا) لكنهما نقضا العهد ؛ وقتل من المسلمين ما يقرب من ثلاثة ملايين!!

وما محاكم التفتيش التي جرت بعد ذلك على سمع وبصر العالم كله لمسلمي الأندلس بخافية على أحد؛ ويكفي كي يعرف المرء الفرق في التعامل بيننا وبينهم؛ أن يعلم أن الملكة إيزابيلا قد أصدرت عام (1502م) مرسوماً يخيّر جميع الأندلسيين بين التنصير أو الرحيل !! ومن لم يرض بهذا أوبذاك ؛ نال مصيره المحتوم الذي سمعت به الدنيا كلها ولم يخف على أحد.

أما في عصرنا الحديث فما أظن أن المجازر التي ارتكبها عباد الصليب في جميع أنحاء المعمورة قد غابت عن ذاكرة أهل العصر، فالعهد بمجازر صبرا وشاتيلا ما زال قريباً، فبرغم تخلي أكثر أهل ذلك المخيم عن دينهم وتحللهم من إسلامهم إلا من الهوية والأسماء ـ إلا من رحم الله وقليل ماهم ـ؛ فقد كان ذبح النساء والشيوخ والأطفال الرضع يتم على أساس أنهم قد شموا رائحة الإسلام في يوم من الأيام!! بدليل نجاة كل من انتسب إلى عباد الصليب من العاملين في المستشفيات أو الإغاثة في ذلك المخيم ،واستئصال شأفه من سواهم من المنتسبين للإسلام.

أما في البوسنة والهرسك وكوسوفا والفلبين وأندونيسيا في جزر الملوك وغيرها .. فلا تسل عن المذابح والمجازر التي تمت على أساس حقد عباد الصليب على دين المسلمين، ولم يراعوا في ذلك أدنى آداب الحروب والعهود والأخلاق، ولم يستثنوا طفلاً أو امرأة أو شيخا..

وفي الوقت الذي تشن فيه حكومات الغرب الصليبي الكافر الغارة على المجاهدين المسلمين في كل مكان، وتصفهم بالإرهاب وتتهمهم بقتل المدنيين ونحو ذلك من الأوصاف والتهم التي يحاولون بها تشويه جهاد المسلمين ودينهم ؛ نرى قياداتهم الصليبية الحاقدة في غرب حقوق الإنسان بل والحيوان!! تتآمر مع القائمين على تلك المذابح في كل مكان وتمدهم بالعون والدعم والتأييد وما حصل في البوسنة والهرسك في السنوات القريبة الماضية أكبر شاهد على ذلك ..



ختاماً ….

فإن المسيح بن مريم عليه السلام، ما عرف هذه الأناجيل التي بين أيدي النصارى اليوم ولا كتبها ولا حتى قرأها ؛ وهم يعرفون ذلك جيداً .. وهو يقيناً ما ادعى الألوهية في يوم من الأيام ؛ بل قد أنكر على من نسبه إلى ذلك أشد الإنكار.

وإنما الذي سيدعيها في قابل الأيام (هو المسيح الدجال)..

والنصارى وكذا اليهود ينتظرون نزول المسيح قبل يوم القيامة ؛ونحن المسلمون ننتظر ذلك أيضاً.

والفرق بيننا وبينهم أننا ننتظر المسيح ابن مريم عبد الله ورسوله؛ أما النصارى فإنهم ينتظرون المسيح الذي يدعي الألوهية ويدعونها هم له ؛وليس ذلك إلا (المسيح الدجال) الذي سيتبعه كثير من الخلق من يهود ونصارى وغيرهم، خصوصاً عندما يرونه يحيي الموتى ويأتي بغير ذلك من خوارق العادات، ويصطحب كثيراً من الشهوات، ويحق الله الحق في خاتمة المطاف؛ فيقتله المسيح نبي الله ليبطل بذلك عقيدتهم الكفرية، ويقتل الخنزير ويكسر الصليب([47])، ليعلن بذلك براءته مما افتراه عباد الصليب عليه وعلى دين الله من عقيدة التثليث وغيرها من عقائد الشرك والضلال. وسيمكث في الأمة أربعين سنة حكماً عدلاً لا نبياً رسولاً، إذ نبينا هو خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلام عليهم أجمعين ؛ ولا نبي بعده .

ويومها لن يقبل المسيح جزية من أحد ؛ أي أنه لن يقر نصرانياً ولا يهودياً على العقيدة الشركية، فبعد أن كانوا يُخيرون بين الجزية أو الإسلام أو القتال.. فلن يخيّرهم إلا بين الإسلام والقتال، ليحق الله الحق بكلماته ولو كره المبلطون، والله متم نوره ولو كره المشركون؛ فانتظروا إنا منتظرون.

ولتعلمن نبأه بعد حين …


فهرست المراجع :

1. القرآن الكريم

2. مختصر صحيح مسلم للمنذري

3. الشفا في التعريف بحقوق المصطفى، للقاضي عياض

4. الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم.

5. الفتاوي الكبرى، لشيخ الإسلام ابن تيمية.

6. إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، لابن قيم الجوزية.

7. البداية والنهاية لابن كثير.

8. رياض الصالحين، للنووي.

9. دراسات في الأديان والفرق، لمجموعة مؤلفين.

10. الموسوعة العربية، لمجموعة مؤلفين.

11. المائة الأوائل لمايكل هارت.

12. المسيح الدجال "قراءة سياسية في أصول الديانات الكبرى" لسعيد أيوب.

13. العهد القديم

14. العهد الجديد، منشورات دار المشرق – بيروت.

المطبعة الكاثوليكية – ترجمة: (الأبوان) صبحي حموي – ويوسف قوشاقجي – هذب عبارته: بطرس البستاني.


فهرست الموضوعات :

الصفحة
الموضوع


الفصل الأول: نشأة المسيحية


المسيح


نسبه


مريم الصديقة


حملها بالمسيح


ولادتها للمسيح


ختانه


الفصل الثاني


دعوة المسيح


تأييده بالمعجزات


إيمان الحواريين به


تكذيب بني إسرائيل له وسعيهم في قتله


إدعاء النصارى أن اليهود أسروه وصلبوه


دعوى صلب المسيح وعقيدة الفداء


الصليب وبدعة تعظيمه عند النصارى


رفع المسيح


دفن المسيح وقيامته عند النصارى


بعض أوصاف المسيح


من أقواله عليه السلام


الفصل الثالث:


عهود الاضطهاد وأثرها في تحريف المسيحية


أشهر أناجيل النصارى ومؤلفيها


1. إنجيل متى


2. إنجيل مرقس


3. إنجيل لوقا


4. إنجيل يوحنا


بولس وأثره في تحريف المسيحية


لمحة عن أسفار العهد الجديد


1. الأسفار التاريخية


الأناجيل


سفر أعمال الرسل


2. الأسفار التعليمية


رسائل بولس الثلاثة عشر


الرسائل الكاثوليكية (العامة السبعة)


الرسالة إلى العبرانيين


سفر الرؤيا


وشهد شاهد من أهلها


الفصل الرابع


عهود الرخاء في النصرانية عهود تحريف أيضاً


أول ملوك النصارى قسطنطين الأول


أخطر أعماله


مرسوم ميلان


مجمع نيقية واجتماعاته على اللعنة


آريوس ومخالفته لقومه في ألوهية المسيح


لمحة عن أشهر الفرق النصرانية القديمة


1. الملكانية


2. النسطورية


3. اليعقوبية


لمحة عن طوائف النصرانية الحديثة


1. الكاثوليك


النسطورية


المارونية


السريان


2. الأرثوذكس


الكنسية المصرية (الأقباط)


الأرمن


3. البروتيستانت


مارتن لوثر


خاتمة


دعاة يحاولون التحرر والخلاص من عقائد الشرك النصرانية


الخلاص الحقيقي في الإسلام والتوحيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق